الجمعة، أبريل 30، 2010



كأنني أكتبُ فِي سطر واحد، بجرعة تنفسية متماثلة للهدوء.



كأن قلبي -وهو يبتسمُ للنغم المائل في حواسي المعنوية اللامعدوده- يشعرُ بمقدار متشابهٍ واحد!



.
.
.




عندما أحاولُ أن اتفيأ، اشياء حُلمكِ الـ زرعتهِ في قلبي، أنبضُ كثيرًا ، وأحنُّ كثيرًا،

واهدأ ؟!





هامش



كأن قلبكَ وهُو يعدُّ سبع ياسمينات ،

يتجاوزُ سبع سنواتٍ من الوجع،

من الغياب،

من الذاكرة العشوائية للأمكنة ،

كأنك تستنشقُ حُلمًا قادمًا من اللحظة القادمة!


أكْثَرُ إلهامًا؟!






مدخل :


[هو ذاك الذي يَستفزُّ في الضحك المؤلم حين يقول: "لا أحد يحزن لقلق الأشياء مثلي"، فأنا أعتقدُ أن لا أحد يقلق لحزنِ الأشياء مثله]


كان صباحًا هائمًا جدًّا، أذكرُ أني خرجتُ وإياهُ، أحملهُ بين أشيائي الذهنية، أبعثرهُ بخفة في حقيبتي اللغوية الصغيرة ، هو ذلك الثقيلُ جدًّا، ينبسطُ ليستفز الأحاديثَ باقتضابه المعتاد، وحروفه العميقة ، متعبًا، غارقًا في جلباب الحُلم و قطع الذاكرة، في حين كنتُ أجدني أفتحُ من بؤرة تأملات قديمة شهية روح النخيلِ البعيدة، إذ إنني كنتُ قد قلتُ له : تعالَ نرى إلهامَ الشرفاتِ الأخرى!


انحناءة من رأسهِ تكفي، أمسكتُ أصابعهُ الـ تشبهُ الماء، فتحتُ شباكنا الكبير؛ الفصول تستيقظُ في أعماقي، ومشاغبة لا آلفها كثيرًا، كنتُ أود تأمُّلَ الشُّرفات في هذا الحي العجيب، الشرفاتُ المائلة المتقابلة، النصفُ مغلقة، النصفُ مفتوحة، الشرفاتُ العالية، الشرفاتُ الوضيعة، الشرفاتُ التي تلتهمُ الضوء، الشرفاتُ التي تغرقُ في كسل الظل، الشرفاتُ التي تنث حياة والشرفاتُ الّتي لا يراها أحد !


لكن لم أر غيرهُ وهو يبتسمُ، ودمعة واهمة في عينيه، كان يهذي وإياي على غير عادة، كان يقولُ في صفاء ذهني نادر:


- تعبتُ منهم، لازال ضجيجهم في أذني .


قلتُ له – بنظرة أحادية للغاية- :


- لازال الوقتُ صباحًا، تعال نَعُدْ إلى شُرفتنا الداخلية.


مشيتُ أتوهمُ أني دمعةٌ في عينيه، أسندُ منهُ شيئًا يتكئ عليهِ حُزنه.


هو الّذي قال يومًا في حالة مزاجية أظنها غائبة: إنّ بعض الواهمين أكثر قدرة عل الحياة!


أغلقتُ شيئًا من منافذِ الضوء خلفنا، لكن الهواء ظلّ معلقًا بها، يحملُ قبسًا من صفاء كدرها و قدرتِه الصعبة.


... قلتُ له - و أنا أشيرُ لأريكة جميلة - : سأجلسُ هُنا .


كنتُ أرتعش، كأن الماء في أصابعه يصافحني بود، أنا الـ كنتُ أغادرهُ بمهل الود ذاته !


جلستُ، ظلّ واقفًا، وبقيت أتأملهُ برهةً، لازالَ واقفًا، كأن كلّ مساقط الغيث البعيدة تتركزُ في عينيه، كأنّه بتفاصيله القروية الصغيرة و همومه الكامنة فيها، هيكلٌ منذور للنَّصِّ، للحزنِ، لا أكثر، إذا أنه على ذلك باقٍ بين أشيائه، بين كلّ أولئك الذين بحاجة ماسةٍ لاستنـزافِ طاقته الفائضة من الألم !


مقاطعًا تأملي، كأنه يخشى عليّ أن أموت حبًّا لقلقهِ الذي يغمرُ حُزنَ الأشياء فيحيلها إلى كتلةٍ من بياض و يبعثها بنقائها الأول فتبقى ، قال لي :


- سأعدُّ شيئًا .


- لي،كوب شاي، القليلُ من الحليب، الكثيرُ من السُّكر .


- وَقهوة مرّة .


- أيكفيكَ السًكرُ في كوبي ؟


- أراهُ قليلاً، كأنك على غير عادتك ؟


- لربما لأنني أريد / أحب أن أسربَ لك شيئًا منه !


- لا بأس بدأتُ أتعودها مرّة !


أردفَ وسط أنفاسي :


- كأن الجو صار مشمسًا؟


- لا، أنتَ بدأتَ بالتوهجِ على طريقتك !


بدأت أفكارنا تتقاطع، بدأنا ندخلُ أنفسنا في متاهاتِ الأشياءِ والفلسفة التي تكنها التفاصيل فينا؛ في الناس وَالحياة وَالعابرين!


لا أذكرُ كم حديث صامتٍ مرّ بيننا بعدها ، لكننا عدنا إلى أمسياتنا، عدتُ أنا غريبًا دونهُ، وَعاد غائبًا دوني، أو لنقل أنني عدتُ غائبًا مثلهُ، وَعاد غريبًا مثلي .






http://www.armeea.com/index.php?show=news&action=article&id=1792








... أجلسُ هادئة بأنفاس عالية بعد أن أجهدتني الشمس، أمامي أمي تكابر ألمها، وبجانبي زهراء تمسح الزجاج المتسخ من الخارج بمنديل في يديها وتحزنُ لأنهُ لا ينظف، أميل برأسي إلى الأمام، وأرى أخواي الصغيرين يجلسان متقاربين، أما أخي الأكبر يُسندُ رأسهُ إلى النافذة كمن يتأملُ هُموم الطريق، أختاي ساهمتين يمين أمي وأختي الأخرى خلفي تثرثرُ كأن أشياء الحياة في فمها دهشة لن تنتهي!

من الجمال!



[ مثلكَ عندما تقررُ أن لا تتبنى شيئًا من أفكاركَ السيئة، من مسوداتكَ التي علقتها على جثة العتمة المؤذية ]



يبدو للتو خارجًا من سُباتٍ ذهني عميق جدًا، يقفُ أمام رفوفهِ القدّيمة، ينتقي كِتابًا قدّيمًا تمامًا و ينجدلُ به على السرير، ليفتحهُ بشهية، يتنفسُ أوراقهُ الصفراء، كمن يملئ قلبهُ بشذى ياسمينةِ بيضاء ، متدلية للحُلم، ثم يُسندُه إلى وجهه، يعانقه بوجنتيهِ ويبتسم!


إنها أجملُ أيامِ أبريل وأكثرها حُلمًا!
مثلَ نهارٍ ينقضي، والحياةُ هادئة كأنفاسٍ تختزلُ نغم الأشياء الدافئة بضجيج فوقَ الشُعورِ تمامًا!

كأصيص يميلُ نحو حُلم الضوء، خيرٌ هُو المساء!

Beautiful dreams becoms a reality , when we work, out hearts, too


[ الذاكرة مثل أبواب مؤربه لعقولنا اللاوعي، هي أشياء ترسبت فينا، منها ما أبقيناهُ مستمرًا بهيئته الأولى، ومنها ما سعينا إلى تغييره، ومنها ما أحببناهُ فينا وفتحنا إليه صدورنا المتراكمة، وأذهاننا الراغبة! ، منها ما تجاوزناه تمامًا ومنها ما لم نتجاوزه!



وأنا اليوم أودُ أسهبَ في الذاكرة، لربما بعضُ الأشياء الّتي ننعشها ونتقلُ بها إلى الوعي -لعلها من الأشياء ذاتها التي لا ينبغي لنا أن ننسى- ، تجعلنا نتقدم، نستمر،نبتسم، نبقى، نخطو من حيثُ أوقفنا أنفسنا ذات يوم!

... ]


السبت، أبريل 24، 2010

| + |



أنتَ الّذي تحاولُ أن تقولَ شيئــًا!

أن تبعثَ الحياة من سُباتها،

أنّ تُمزقَ ورقة من رغباتكِ الداخلية العكوس !



التبغُ الّذي ماتَ على طاولتكَ،

محفظتكِ الّتي تبقى نصفَ مفتوحة، تؤثثُ الظل بجوعها الحميد ،

وقلبكَ الذي يحملُ مسوداتهُ الذاتية الأولى على عجل!

 
كُوب قهوتكَ الذي عادَ بكَ إلى أستاذ المدرسة الثانوية،

وهو يتفحصُ قصتكَ القصيرة،

هي ذاتها التي سكبت أرقكَ الندي عليها ذات مساء.

هي ذاتها الذي أخبركَ أنها لا تتجاوز اللغة التي تحبّ ...بهدف واحد!

 
وجهكَ الذي يحملُ جرحًا مديدًا من الزمن،

هيئتكَ الباردة الّتي حملّتها من القُرى.

وجرة الملح المكسورة فوق العتبة الخارجية للمدن.


لا تقلق!
كلها أشياء حاولتَ قولها،

وأنت تفتحُ نافذتكَ الـ أرسيتَ بالرحمة !


أستمر ،

الطريقُ إليكَ !

بَادِر !

الروح !


كُّل ما يبدأ بهيئة متكاملة، كُلُّ ما يبدو مكسورًا لوهلة واحدة في عُمقِ الضوء الداخلِ، لزجاجِ نافذته المرساة بالرحمة، أعلى الرصيف... هُناك!

 
كُلُّ هُوْ شيءٌ يدعي معهُ الألفة، الحبُّ، الأمل والحُلم والبهجة.



أيُّ كتاب ورقي تستطيعُ أن إبصاره يُعيدكَ إلى ليلة سابقة، للشمعة الهادئة، الّتي أدمنت - وإياهُ- أن تُعطي و تسهر، تحزنُ وتبتسم!


كُوب الشاي الّذي يرقدُ على الطاولة، الجريدة التي يحتضنُها حقيبتهُ التي يتركها على ظهرهِ الواسع، ضجيجُ الحياة، الأشجار التي تستيقظ، الصبحُ الذي يتنفس، وكُلُّ الأشياء الّتي تحرضُ الشعور، تجعلهُ يخرجُ بخطىً ثابتة إلى الطُرق، لكأنهُ خارجٌ إليها من سطر مديد مديد..


هو الّذي يقول:






" الأشياء الثقيلة هي أشياء قلقة، والأشياء القلقة هي أشياء ثقيلة، إنها أشياء متصلة بحلقة شُعورية واحدة، الإنسان المركز هُو الوحيد القادر على تغيير الأصول الحركية أو على الأقل هُو قادرٌ على توظيفها بشكلٍ جيد"



حاول... أن تسأل عنه، أن تبدوَ مثله، إنه مثل بذرة خضراء صغيرة، تغرسُ حلمها في التراب، ترويهِ ألمــًا وحكاية في غيهب الأرض / الضجيج.


إنه أحلام الفقراء التي تحرك دّهشة العالم، وتبدد من وحشيته شيئا يستطيعُ به أن يرغب بالسلام!

الأربعاء، أبريل 21، 2010





استيقظت بوقتٍ غائب أنا التي لا أشعر بالنوم،
الحافلة التي تقلنا للعودة تتعطلُ للمرّة الثانية،
انتبهُ للعاب الّذي يتدفقُ من فمي،
يشكلُ خيطًا لزجــــــًا ممتدًا منهُ إلى وجنتي ثم على رقبتي ثم يصلُّ إلى قميصي الأبيض،
الذي ألتصقَ بجسدي لشدّ ما شعرتُ بسوء الطقس،
تنبهتُ لحجابي المفتوح وخصلاتي المجعدة الرطبة،


ورد فعلي السريع الذي لا يتجاوز الالتفات بوهن إلى ستائر النافذة المنسدلة، أشعرُ باضمحلال هائل للطاقة،


فقدتُ كثيرًا من التركيز، من الشهيّة، من دمائي الطبيعية أيضًا.


كان صباحًا مؤذيـــــًا، يختصرُ أيامًا سابقة للمشاعر الصقيلة التي تعتريني،




المسؤولية، الأخوة الصغار، أمي، أبي الذي لم يعدّ يسأل عنا إلا لماما، وأنا.




عندما أزور المدينة، أشعرُ بالحنان، اهدأ، أصيرُ أكثر قدرة على التسامح، يصير عزمي على فتح نوافذي المغلقة أكثر تقدمًا،


أشعر أني أحملُ من هذه الزيارة الأخيرة، شيئا مثل كومة ملحية،
لم أغرق ذهنيًا بها بما يكفي، لأضمد جروحي التفصيلية الصغيرة معها،


أشعر روحي ممشوقة،


لم أستوعب بعد آلية الوقت، الذي جاء بي من هناك إلى هنا،
وكل الأوهام التافهة المتعبة التي لاحقتني في الطريق،


أيام أبريل، التي تعود بصورة تشبه العام الماضي، حُزني الذي يتكومُ بها،


الخبرُ الّذي يصلني واستقبلهُ بتحسس هائل، وكلمة تشبه ( إنهم يرحلون ) تعلق في قلبي رغبة الحديث،


صوتي يختنقُ في حنجرتي
والوجوه التي تعدد، تثقبُ الهدوء الذي أميلُ إليه،


أشعرُ أن قريتي الجميلة هادئة في قلبي،
أشعرُ بأنني أريدُ أن أحقق بعض الرغبات الصغيرة،




أريدُ أن أغلق عليّ غرفتي،
أريدُ أن أرسم،
أن أتم كثيرًا من أفكار هائمة،


أن أشعرَ حقًا بالملح، والحب، والرغبة !



نحن أفكارنا.



في يدّيها نقشٌ حِناء أحمر، وفي وجهها يستيقظُ الحُلم بعد سُباتهِ الصيفي المديد، تفتحُ النافذة لتبقى مؤربة، تنثُ لها ضوءا ناعسًا وموسيقى ذهنية هادئة، تفردُ جديلتيها بمهلٍ حثيث، تُغلقٌ باب غرفتها، وتحتضنُ قلمها، كمن عزم على رسم منهجية عالية لتقاطع الطريق!



تبدأ بأنسابية:


الأشياء التي تحرضُ الشعور فينا هي أشياء متحركة وعالية في مدراتنا، بقدرٍ ما تكون ساكنة أو منخفضة في مدراتٍ آخرين، قد لا يتعلقُ الأمر بالأشياء في ذاتها، بل بقابلية الأشخاص أنفسهم لاستيعابها و التفاعلِ معها...


سُرعان ما تشهت شيئا من الماء، غادرت غرفتها بأفكار متصلة، لكأنما كلُّ الصور في عينيها -وهي تقصدُ المطبخ- هي اشتقاقٌ محض لما تودُّ ترجمتهُ من رؤى.


تصلُّ سريعًا، وترى أخويها هُناك، أحدهما يتمددُ على الأرض لكأنما أراد أن يغرقَ في المياه الفائضة من الصنبور، بينما الأخر كان يتأملُ، ويعلقُ يديهِ في الدلو بعنين لامعتين!

الثلاثاء، أبريل 13، 2010

| هُدوء |

أجمعُ أصابعي، وأواصلُ الحديث بفكرة ذهنية محضّة، فأقولُ:



+ الكلمةُ الّتي تأخذُ طريق الإلهام، هي كلمة حُرّة، مُعذبة، نقيّة، ولذا فأن الإنسان المُلهم ينطبعُ بهذه الصفات!


بدأ ينفسُ كُلّ الأشياء، ليسألني:


+ الحرّية الداخلية، العذابات، النقاء اللامتاح، اللامفهوم؟!


أومئ مؤكدًا، فيصمتُ.


ثم يمسكُ بخيطٍ هوائي، فيفردهُ على الطاولة :


+ لربما سجنُ القراء وأفكارهم، يجعلُ الكِتابة قِيدًا لغويًا ثقيلًا جدًا؟!


+ وعلَّ العذاباتْ تصقل في الأرواح شيئـًا من مفهوم الدّهشة التعبيرية الحرّة؛ لأن الألم خارجُ عن المألوف، مألوف الحياة المسالمة!


+ والنقاء... مقرونٌ بالشخصِ وكيفياته.


تغمرُ وجهي ابتسامةُ لطيفه:


+ ولذا فأننا نقولُ بعدم أتاحه فِهم الكاتب- لدى بعضهم- لأنهُ حُر ومُعذب، ويسكنُ في لبٍ ذهنهِ بقلب طفولي متشكلِ بصيغة الكِبار!


يبدلني غُمرة الشعور فيبتسمُ بلطف،


نصمتُ كثيرًا، ونذوبُ في الفناجين الدافئة، ولهجة السُكر الناعسة، فـ لِلصبَاحِ مداهُ في قلبينا،


نستغرقُ الهواء حدّ الأزقةِ البعيدة، والشعور، وتكسرِ الزمن،


والكلماتُ الّتي تُمثلُ أفكارنا الراسية، تبقى عالقةُ بيننا، بل هي متشبثةُ في كُلٍّ شيء، في نصوصنا المنثورة، في قصصنا القصيرة، في أحاديثنا التفصيلية البسيطة !






الخميس، أبريل 08، 2010

أصيلُ الصَدى.




المدينة العتيقة :



سوفَ يصلُّ قريبًا،


سوفَ يُجنُ قريبًا!






الرصيف:


إنهُ يُجيدُ مسك الخطوط الملحية التي تهربُ من ملامحه!


إنهُ يُدمنُ نحت ألمه كثيرًا ، كثيرًا ...










الزقاق الكبير:


لا تلحقوا به،


لقد سئم الضجيج!






النقطة البدء :


كل شيء كان هُناك!


الجوع الّذي تجعد على شفتيه،


الدّهشةُ الّتي تقضمُ أصابعهُ


ثم... تتسلقُ إلى جُدرانهِ الداخلية،


بهيئة متوازية.






السؤال:


من هُو ؟






الشيء:


كُن أو لا تكن؟!






الذاكرة:


المكانُ ثَقُل على قَلبِه،


بدأ يتذكرُ، وبدأ ينسى،


بدأ يعيدُ ترتيبَ الفكرة.






النافذة:


إرساء الرحمة.






المحنة


الثلاثاء، أبريل 06، 2010

| نَغمــ |




+  نعم، الأيامُ لا تلزمُ حالة واحدة؛ ربما لأنها الفواصلُ الوهمية للتفاصيل في فلسفة الزمنِ الاتصالية!







كان ينظرُ إليّ باسمــًا وهُو يُدونُ شيئـًا في مُذكرة اقتباساته الداخلية، بين أفكارهِ الخاصة، بنظرة جِدُّ محضةً منه!


لم يُردف على ما قُلتُ شيئـــًا، كما لم أنتظر... تمامًا!


صَمَتُ، وأجملُ الصمتِ هُو الّذي يجيء بعد لحظةِ دافئة!


كنتُ أشعرُ أن روحهُ تنتفضُ بعمق، و تستحمُ بشلالِ قديمِ للذاكرة.


كنتُ أشعرُ من بعيد أن أصابعهُ ترتعش؛ و تدمع و تُثرثرُ كعادتِها بخفاء!


خرجنا سويـًا، نتنهدُ، نجلسُ على للأرضِ و نبتسم!


هذا الفتى ضوئيٌ جِدًا،


وغامقٌ جِدًا بقدرٍ ما هُو فاتح،


وأنا أتوهمُ كثيرًا، بل أعتقدُ كثيرًا، أن بهِ من ظلال الأشياء والأمكنة، ما يكفيهِ –بحق- لأن يُجاهدَ لفهم الغُموض بدبلوماسية نادرة!


ما يكفيه لأن يكون اللون الّذي يهبُّ التفاصيل جمالها؛ بالرغم من الفواصل الوهمية القدّيمة، التي تلاحقهُ وتُؤذيهِ دائمــــًا !



أنا الذي أعتقدُ بأننا مسكونين بأوجاعنا حدّ القدرة على تحويل الحزن إلى حُـــــــب كبير !


أنا، وهُو ...


هُو الّذي أراهُ فاصلتي ... !


تلك الّتي تغيبُ في المُدن البعيدة، مُحملة بي، أنا الذي أحيا بها شعوريًا في لهجة الصباح، وأقول بأني أتصالحُ بها عندما تعود، أتصالحُ مع الوطن!


نعم، هو .


هو الذي عاد اليوم حضورًا؛ ليعيش مع قلبي فاصلة نيسان، نيسان العظيم، نيسان الذاكرة، نيسان الفقد، نيسان الفاصلة الّتي تُعيد كرة الشمس، و التأريخِ والحُلم!


هُو الذي أدمن الدخول وإياي في غرق ذهني هائل، فقال :


+ الأشياء تبدو حقيقة، تبدو حدّ الظلمة حقيقة. حقيقة الملمس، الشعور، حقيقة الحكاية..


يعني ذلك تبدد الشك، معلقاً ما بين الحقيقة والوهم، تيّقن الشعور فينا، أننا لا نزال على معرفة بحقيقة النهاية، ...!


أنصتُ لهُ بدّهشة،


يغمضُ عينه،


ابتسمُ بهدوء !










الخميس، أبريل 01، 2010

الطريق،



أحملُ جسدي بخفة، وأبدوُ في الصباحِ مُفلســـًا على غير عادة، كأنني تهتُ أخيرًا فِيْ قصاصاتِيْ الورقية الممشوقةِ بالحُبّ!


كأنني أقدرُ حقـــــــــــًا على أن أذوبَ في أشياء الضوء وأغادرَ حُزنَ التفاصيل إلى جلالها دون أن أدري!


ياقةُ قميصي تتنفسُ الهواء كالأبواب النصف مفتوحة، تمامًا بحذر فضولٍ شهيّ جــدًا.


وأنا أسندُ ظهري إلى كُرسي المقهى، أُغرِقُ أصابعي عمدًا في صوت المذياع الذي يجيء ممزوجــًا بروائح الناس والضجيج المبثوث من شرفاتهم الخلفية المغلقة، دون الأمامية المتروكة للعدم.


أنا اليوم أريدُ أن اكتب شيئا "عبثيــًا جدًا"؛ ولذا حشدتُ أوراقي وأنصافي وجلستُ بينها عشوائيًا.


أميلُ برأسي إلى كتفي اليمين، وأتأمل الرصيف بعينين هائمتين، أشتهي لوهلة قصيرة أن أخرجَ إلى الرصيف حافيـــًا، حاملًا فوائضي الذهنية القلقة، متجردًا مما يعلقني بين فكرة أنهيتُ إلصاقها على الورق وبين مصداقيتي التامة في قدرة تطبيقها عمليــــًا وبشكل مُتاح ومقبولُ !


نعم، أشتهي أن أمشي في الطريق،


وأن أمسحُ على رأس الأطفال الذي أدمن الفقر طفولتهم في مدينتي الجائعة،


وأن أبذر شيئـًا في أصيص الشرفات الميتة،


وأن أنثر شيئا من حُزن قلبـــــــــــــــي فوق رؤوس الأجساد الكبيرة الهادئة!


---


لذاك القادم، صوتٌ ارتطامه بالباب الحديدي، الـ يصلني قبل حشرجة المفتاح،


ولهُ أيضًا خُطوات القادمين العاجزة ذاتها،


أقلبُ القلم بين أصابعي بعصبيةِ حُلم ثائر لم يُكتب بعد، وأرفعُ رأسي بعد انحناء ورقي مديد.


أنظرُ إليهِ، وهوَ يقتحمُ زنزانتي على عجل بخطوتين مزعجتين، ثم يقف!


أنا، لم أر منهُ شيئـــًا؛ بدأ مثلهم غارقًا في الظلمة، مائلًا مثل فتيل ميت.


بقي برهة، ثم غادر.


وبقيتُ أتنفسُ بهدوء،


وأقولُ لقلمي سنكتبُ عن حُلم، وحياة ومقهى،غرقُ، تفاصيل ألم، وظُلم وحُزنٍ أزقة،


هكذا أنا، أنامُ على رائحة فرع أخضر لياسمين يحتضنُ أشياء الضوء، في فتحة جداريه ضيقة، ألهمُ الحُب، والناس والذاكرة.