السبت، أكتوبر 24، 2009

عندما أحَزنُ صَبَاحَاً فأنّ أحد ما لا ينتبهُ إليّ ، و عندما تفرّ مني مشاعر مكبوتة تغيرُ ملامحي و أنا أعملُ في المطبخ فأن أحداً لا ينظرُ إلى وجهي ، و لا إلى أصابعي المرتعشة الباردة التي ترفعُ انثناء خصلاتي النامية بجنون مترف في الأشهر الأخيرة ،


تسكنني الكتابة حدّا لا يُصدق و أغص بمشاعر الفقراء في مواسم لا محدودة من العام .
أكثرُ المواسم عمقاً هو موسم الحج / التسجيل في القوافل الراحلة إلى البلد الآمن ، ففيه أتعمدُ بناء الحَزن و تراكم البكاء و احتراف الأمل !


تسكنني فيهِ أمنية قدّيمة ، هي أن ألبس البياض ، فأطوف و أسعى و أشعر بالطُهر ، هي أعودّ إلى قريتي و أنام تحت ترابها الدافئ ، دون أن يستطيعَ أحدٌ إيقاظي أو إزعاج غفوتي الأبدية أو العبث بإطراف شعوري الأخضر الذي يملئ الأشياء بجَمالها المخبوء فيها .

الجمعة، أكتوبر 23، 2009

يحدثُ أن يبعثُ التكاثفُ الذهني - بأمر ما - رغبة مُلحةً في الحديث عن أمور لا صلة لها به ، كأنّ ازدحامه محض إليه ، إذا أنّ من الصَعبِ عليه أنّ يحتفظَ بفراغ لبعض الأفكار العابرة الأخرى ، و لذا فأنني في حفنة وقتِ ترابية بطرف اليوم ، كنتُ أثرثرُ بإصرار عن فصول الحكاية التي تعَبرُ ذاكرتي، كان الوقتُ ضيقاً و مشتتاً بين الكُتب و بقايا الحروف الملعقة على السبورة و الواجبات التي تخبئ أعماقها في الدفاتر و التفاصيل التي نحتاجُ تمامها غدا و اليوم و دائماً ، كان صدري ينطقُ بلساني بضيق عن الإخفاء أكثر ، كأني أفتقدُ للحياة و القدرة على رواية ما حدّث و يحدث بصيغة كلامية لا أكثر ، شعرتُ بتورط زميلتي في تفاصيلي التي لم تحضرها يوماً ، وأنا أستمر أروي بالرغم من كل الفواصل و الفوضى التي تخلل تسلل تلك الحكاية القصيرة تلك التي أحببتُ زواياها التي تحرّضني أن أكون كبيرة في كلّ شيء ! ربما يجبُّ علينا أن نحافظَ على قدرتنا الكلامية حتى الحد الذي نستطيع فيه أن نتوازن داخلياً ، و أنّ ندركَ متى نتحدث و بما نتحدث و كيف نُغرقُ بنا الوقت و الورق إذ ضاقت سُبل الكلام إلى آخرين !
حتى اليوم صباحاً لم أكتب فوق مسوداتي الورقية شيئاً سوى جملة واحدة :[ جميلة هي النصوص التي تحتفظُ برطوبتها الأولى إذا أنها تُحدثُ في كل قراءة طحالب ذهنية جديدة ] .
و أنا شخصياً أعتقدُ بأنّ هذه النصوص نتيجة لرغبة تكاثف ذهني فوق العادة !

الثلاثاء، أكتوبر 13، 2009

رائحة ورق يتمزق !



خرجتُ أتنفسُ من قاماتِ النخيل التي تتنحى على الطريق لتفسحَ مجالاً للحياة .. أخضر ! ، و ما في صدّري إلا أنا و رغبة غامضة و ملحه .. تحرضني على قتل القلم الذي يسكني و يجعلني [ دّهشة ] بالرغم من كلّ الحماقاتِ التي أحملها ..!
اليوم أذكر بشكل خاص و استثنائي جداً يوم أنّ كتبت [ مدهش ] أول مرّة ، كان ذلك في الابتدائية إذ كان عليّ أن أنشئ جدولاً بسيطاً يضم الكلمة الصعبة و معناها ، و عليه يجب أن أرسم مربعاً و أفرقَه وسطاً بخط متوازن ، كنت يوم ذاك أود أن أكتبَ تلك الكلمة تحديداً ، بكل ما في خطي من وضوح لأنها عصيت عليّ كثيراً .. ! ، و لذا فأنني عندما جئت لأكتبها اصطدمت بالخطِ المتوازن في جدولي الصغير فأكملتها في السطر الأخر . . فأصبحتْ بقسمين [ مد ] في السطر الأول و [ هش ] في السطر الثاني !
لم أنتبه لأهمية تركيب الكلمة في سطر واحد سوى عندما تصفحت عمتي كتابي و تنبهت له فحدّثتني عنه ! ، كان لديّ شعور صعب و غامض و أنا أنظر إلى تلك الكلمة منتظمة في جدولي إذ صححتهُا و لم أدرك بعدُ معناها ، الذي ظلت تلاحقني به حتى النص الأخير الذي كتبتُه في العتمة فقد كان مشابهاً للشعورِ الصعب الغامضِ حيالها و كأنّهما ورقتين ذهنيتين ملتصقين في هذه الحياة.! .
أنا عندما أنتهي من كتابة نص ما ، فأني أتقاعسُ عن كتابة نص آخر سريعاً ، إذ إنّه يأخذُ مساحة مقتطعة من هيكلتي في أذهان الآخرين ، و أنا أكره أن أصير مبدعاً جداً ، و مدّهشاً جداً بثمن هو أنا و طاقاتي .
لكن .. أشعرُ بأنانية تجاه هذا المنطق إذا أني أكتبُ للحُزنِ و السلام و للتعبير عما يدور في أزقة الحياة من أوجاعِ و أحلام و فقراء و أذى ! ، هذا الشعور الأناني ذاته يجعلني أحتفظُ بالقلمِ في حقيبتي حتى هذا الصباح ، و هذا تماماً ما يحرّضني على تركهِ في الطريق إذا أني أجدُ للناس [ دّهشة ] لا شعور فيها هذه الأيام !
صَعَبٌ هو شُعَور الفَقراء .

الخميس، أكتوبر 08، 2009

فَصْلٌ؛ لا يُشبِهُ بقيّة الفُصُول !

مشهدُ عتيقُ يأخذُ من حنين ذاكرتي ، مساحةً مبلله بماء الطفولة الشهيّة ، فقدُ كنا في زواياه صغاراً ، نرقبُ الأرجوحة الوحيدة تحملُ بسمة أحدنا و تحلقُ به في فضاء الهواء ، وحدي سئمتها سريعاً.. كنتُ أرقبُ السماء الـ خلفتها الشمس الساقطة خلف خط الأفق العميق ، و أنا أشدُ عباءتي إليّ فأجمع أطرافها بقبضة هزيلة نحو قلبي ، و أجمع بالأخرى شعري الهائم نحو الأمام ، فأشعرُ حتى اللحظة و أنا أعيدهُ إلى الوراء ، أني أعيدُ إلي ّ أفكاراً ذهنية جد محضّة بعثرّتها العتمة و قطعت تسلسلاتها رائحة العشبُ الأخضر الممتزجة برائحة الخبرُ العربي الدافئ الذي أحضرهُ إلينا أبي في ذلك الليل ، لنأكلهُ و صبي أخر يجتر أختهُ وراءه ، نجهلُ جميعاً ملامحهُما الغصة و تفاصيل حكايتهما ، و لازلتُ أذكر اعتقادي أنّ الصبي لم يبدد دهشة أمي لوجودهما وحيدين في هذا الليل حين قال لنا بأنّ لهُ أباً قد تركهُ هُنا ليعودَ إليه بعد ساعات ! ، لازلتُ أذكر هيكلة عائلتي و نحن نجلسُ تحت النخلة الكبيرة في تلك الحديقة انتظارا لحضور والد الطفلين ، لا أذكرُ ما حدّث بعد ذاك ، أذكرُ فقط أنني شعرتُ بأن أن لوناً أحادياً بدأ ينمو فيّ و أن صدري يمتلئ بشعور غامض و أنا أنقلُ نظري بينهما فتأملُ حُزنهما تارة ، و أحوّلهُ تارة إلى عمود الإضاءة الطويل و هو يشاغبُ الأشجار بضوئه الأبيض الجميل .

السبت، أكتوبر 03، 2009

في المكتب المجاور

كان يحاولُ جاهداً ربط الكلمات التي تفتقت على شفتيهِ الملتهبتين إثر ارتشاف قهوتها ، كان يحكُ عينه بغيه التركيز في إيضاح هيكلة الفكرة التي بقيت تؤرقه منذُ أيام ، ضاقت أنفاسهُ بما يشعرُ ، فقرر تركَ ورقهُ الأنيق أمامها ، ضم حقيبتهُ إليهِ ، غادر فاتحاً زر قميصه الأعلى و هو يهذي : لها هيبة يا رجل !

فقط أنا ..

أكثرُ من أرق ، أكثرُ من نص ، أكثرُ من وسادة ..
أشتهي أن اسألني : كم واحداً أنا ؟
... ، أشعرُني هيكلاً خرافياً جداً .
منذ زمن و أنا أدمن الدخان و النوم و الكِتابة و الفنجان !
لكن !
يختالني شعور أحمق كلما تأملتُ فيّ
.. هو أني أشعر بعدم انتمائي إلى السيجارة و السرير و القلم و القهوة !
عندما قلتُ هذا إلى صديقي قال لي : حاول أن تنتمي إلى نفسكَ يا عزيزي !