تنتابني رغبّة في الكتابة لكِ عن تفاصيّل يوم ، إدخالكِ إلى جُزء من لوحة الحيّاة التي تمرُّ حَولي وتحيّطُ بِيّ !
لا أعرّفُ متى استيقظت هَذا الصَبّاح، لا أعرّفُ في أيّ جزءٍ من الصَبّاح كَان ، قررتُ أن أكونُ في الجَامعة اليّوم ،
لا أعرّفُ كثيًرا كُلّ ما أعرّفه أن الشمسَ أزعجتني ، وأن رُوحي تأذت بها ، حيّثُ لم أستيقظ أثر مُنبّهي الضعيف لأصلي فجرًا ،
رفعتُ الغطاء عني عندّما سمعتُ حركة خفيفة وقريبّة ،
رأيتُ فاطمة ، تلفت ، ثم تبتسمُ بعمق ، وتغمض عينيها بودّ .
يّاه ، أفقتدّتها الليلتيّن الماضيّن ، جدًا ، جدًّا بشدّة ،
لم يكن يُزعجني أحدّ ، ولم يكن ثمّة شخص ينتظرُّ عودتي ، ويعلّقُ عينيه بأطرّاف شعري الطويّل كلما غادرت المكان ..
للتو جاءت اليّوم .
أعادت الحيّاة ، ابتسامتي وصرخاتي ، ونقاشتنا الصغيّرة ، وصمتنا الكثيّر .
يكفينا أحيانًا أن ثمة شخص يتنفسُّ بالقرّب !
ويحدّث ضجة رفيّعة في هذه العزلة الغامقة .
تركتُ السرير ،
أخذتُ جهازي وخرّجت ،
الممر كعادتي !
أتصلُّ بالشبكة .. ،
أحاول ترجمة الموسم الأول لـ د. هاوس ولا أنجح .
أخذ جهازي لأجلس في صالتنا الدّاخليّه وأستمرّ بمشاهدّته بكل حواسي ، شأننا عندّما نسعى لفهم رموز لغة أخرى لا نجيّدها تمام الإجادة .
تنفذ البطاريّة ، وأترك الجهاز نائمًا .
أحقق رغبتي في كوب شاي ، وحليب و سكرٍ رائق ،
أستغرّقُ في تصويرّه ، في تصويّر يديّ الأخرى الّتي أخبرّتني ورد كما تُحبّها كثيّرًا .
شغلتُ التلفاز ، سرّحتُ في فيلم آخر، أنكليّزي أيضًا .
تسكنني مؤخرًا رغبّة مهووسة في تمرّس هذه اللغة !
رُفع أذن الظهر ،
وتركته مفتوحًا وقمت أصلّي ، أيقظتُ فاطمة لتغادر جامعتها ، وخرجت مجددًا ،
الفيلم قارب أن ينتهي ،
إنتهى!
فاطمة خرجت ،
والغرفة شاغرة من جديد ،
فتحت الثلاجة الصغيّرة ، ونظفتها ، وأفرّغت منها ما لا حاجة إليه ، ما انتهى تأريخه ،
دخلت المطبّخ ، وأخرجت القمامة ، وعدّت وغسلت ما تبقى في المجلى من الليلة الماضيّة ،
صرّت أقوم بتفاصيل لا ننتبه لها عندما نكون في أحضان بيوتنا .
غسلتُ يدي ، وشدّني أن أخرّج للباب ،
أنها توليّب ،
شممت عطرّها بأسرّ الممر الطويلّ ،
تتبعته ، حتى وصلت للدّرج ،
هي تجلسُّ هُناك ، وشعرّها مسدل،
ترتدي البياض الذي تبدو به سمراء أكثر ،
وتعطي كل شيء ظهرها ،
أقتربت ،
أستندتُ للجدار ،
اتأملها .. كانت غارقة في جهازها الصغيرة ،
لم أكن أريد شيئا ،
ولا الكلام حتى ،
هي لم تجب على أخر رسائلي الليلة الماضية ،
أؤثرُّ البعدّ ،
ولكن..
اليوم أحدّ ، وغالبًّا ما يكون سيئًا لأجلّها .
وكأعتيّاد على قلبّي، أردتُ أن أطمئن عليها لا أكثر ،
سحبت خطواتي وعدّت أدراجي ،
لم أستطع نسيّان الضمادة في يدّها .
إلا أنني أغلقت باب شقتنا ، بهدوء .
ضاقَ صدّري ،
والعضلة تعودّ لتقلصها الأول ،
لعلني أعرّفُ السبب .
قبّل أسبّوع زارتني صغيرتي في البيت ،
وأحطتُها بذراعي ،
وأستندّت إلى صدّري الواهن ،
بقدّر ما وسعت روحي لإحتضانها ،
بقدّر ما عانيت وجعا بعدّها ،
ابتسمت
أخذتُ حمامًا فاترًّا لم أغسل فيه خصلاتي الطويّلة ،
وأكلت بعض المعكرونة الباردة من الثلاجة ،
لآخذ حبّة دواء .
حَاولتُ أن أفتح كتابي لأعود للمذاكرة التي بدّأتها الليلة الماضيّة ،
لكن شيطان الكتابة أخذني ،
والوقتُ آخر نيّسان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق