الأربعاء، يونيو 06، 2012


تنتابني رغبّة في الكتابة لكِ عن تفاصيّل يوم ، إدخالكِ إلى جُزء من لوحة الحيّاة التي تمرُّ حَولي وتحيّطُ بِيّ !


لا أعرّفُ متى استيقظت هَذا الصَبّاح، لا أعرّفُ في أيّ جزءٍ من الصَبّاح كَان ، قررتُ أن أكونُ في الجَامعة اليّوم ، 
لا أعرّفُ كثيًرا  كُلّ ما أعرّفه أن الشمسَ أزعجتني ،  وأن رُوحي تأذت بها ، حيّثُ لم أستيقظ أثر مُنبّهي الضعيف لأصلي فجرًا ، 
رفعتُ الغطاء عني عندّما سمعتُ حركة خفيفة وقريبّة ، 
رأيتُ فاطمة ، تلفت ، ثم تبتسمُ بعمق ، وتغمض عينيها بودّ . 
يّاه ، أفقتدّتها الليلتيّن الماضيّن ، جدًا ، جدًّا بشدّة ، 
لم يكن يُزعجني أحدّ ، ولم يكن ثمّة شخص ينتظرُّ عودتي ، ويعلّقُ عينيه بأطرّاف شعري الطويّل كلما غادرت المكان .. 
للتو جاءت اليّوم . 
أعادت الحيّاة ، ابتسامتي وصرخاتي ، ونقاشتنا الصغيّرة ، وصمتنا الكثيّر . 
يكفينا أحيانًا أن ثمة شخص يتنفسُّ بالقرّب !
ويحدّث ضجة رفيّعة في هذه العزلة الغامقة .
تركتُ السرير ، 
أخذتُ جهازي وخرّجت ، 
الممر كعادتي !
أتصلُّ بالشبكة .. ، 
أحاول ترجمة الموسم الأول لـ د. هاوس ولا أنجح . 
أخذ جهازي لأجلس في صالتنا الدّاخليّه وأستمرّ بمشاهدّته بكل حواسي ، شأننا عندّما نسعى لفهم رموز لغة أخرى لا نجيّدها تمام الإجادة .
تنفذ البطاريّة ، وأترك الجهاز نائمًا .
أحقق رغبتي في كوب شاي ، وحليب و سكرٍ رائق ، 
أستغرّقُ في تصويرّه ، في تصويّر يديّ الأخرى الّتي أخبرّتني ورد كما تُحبّها كثيّرًا . 
شغلتُ التلفاز ، سرّحتُ في فيلم آخر، أنكليّزي أيضًا .
تسكنني مؤخرًا رغبّة مهووسة في تمرّس هذه اللغة !
رُفع أذن الظهر ، 
وتركته مفتوحًا وقمت أصلّي ، أيقظتُ فاطمة لتغادر جامعتها ، وخرجت مجددًا ، 
الفيلم قارب أن ينتهي ، 
إنتهى!
فاطمة خرجت ، 
والغرفة شاغرة من جديد ، 
فتحت الثلاجة الصغيّرة ، ونظفتها ، وأفرّغت منها ما لا حاجة إليه ، ما انتهى تأريخه ، 
دخلت المطبّخ ، وأخرجت القمامة ، وعدّت وغسلت ما تبقى في المجلى من الليلة الماضيّة ، 
صرّت أقوم بتفاصيل لا ننتبه لها عندما نكون في أحضان بيوتنا . 
غسلتُ يدي ، وشدّني أن أخرّج للباب ، 
أنها توليّب ، 
شممت عطرّها بأسرّ الممر الطويلّ ،
تتبعته ، حتى وصلت للدّرج ، 
هي تجلسُّ هُناك ، وشعرّها مسدل،
 ترتدي البياض الذي تبدو به سمراء أكثر ،
 وتعطي كل شيء ظهرها ، 
أقتربت ، 
أستندتُ للجدار ، 
اتأملها .. كانت غارقة في جهازها الصغيرة ، 
لم أكن أريد شيئا ، 
ولا الكلام حتى ، 
هي لم تجب على أخر رسائلي الليلة الماضية ،
أؤثرُّ البعدّ ، 
ولكن..  
اليوم أحدّ ، وغالبًّا ما يكون سيئًا لأجلّها . 
وكأعتيّاد على قلبّي، أردتُ أن أطمئن عليها لا أكثر ،
سحبت خطواتي وعدّت أدراجي ،   
لم أستطع نسيّان الضمادة في يدّها .
إلا أنني أغلقت باب شقتنا ، بهدوء .


ضاقَ صدّري ،
والعضلة تعودّ لتقلصها الأول ،
لعلني أعرّفُ السبب .
قبّل أسبّوع زارتني صغيرتي في البيت ، 
وأحطتُها بذراعي ،
وأستندّت إلى صدّري الواهن ، 
بقدّر ما وسعت روحي لإحتضانها ، 
بقدّر ما عانيت وجعا بعدّها ،
ابتسمت
أخذتُ حمامًا فاترًّا لم أغسل فيه خصلاتي الطويّلة ، 
 وأكلت بعض المعكرونة الباردة من الثلاجة ، 
لآخذ حبّة دواء .


حَاولتُ أن أفتح كتابي لأعود للمذاكرة التي بدّأتها الليلة الماضيّة ،
 لكن شيطان الكتابة أخذني ،
 والوقتُ آخر نيّسان . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق