الخميس، يوليو 29، 2010

سَمَـــــا


كلما انتهى العام الدراسي، أكون منهمكًا في شوقٍ بعيد بقدر بُعد هذا المكان الّذي غربني،
أكون تائهًا في إيدلوجيا ذهنية عاصفة،
 وتعبرُ في ذاكرتي الضبابية،
 صُور سرياليّة لهيئة للوطن،
أدخل حالة الكمون،
 أنامُ كثيرًا لفرط الإعياء القدّيم،
 وأبقي عادة جدول الزمن السياحي كما هُو، دون أيّ شطب أو تعديل أو تنفيذ.

أحاولُ فقط أن استجمع قلبي،
 أجلسُ عندما أجلسُ لوحدي،
 أنصتُ لكلّ ما يأخذُ ثرثرتهُ بمستو ينخفضُ عن مستو سمعي ،
أو أفتش بين رفوفي، عن أدوات الرسم، أو كتبٍ للقراءة.

وابدأ بين هذه الأشياء رحلة البحث عن خيط للرائحة والإلهام، لتفاصيل أفتقدتها كثيرًا.

عدا ذاك، أعيشُ شعورًا مختلفًا ومتنافضًا مع مشاعر العام، شعورًا داخليـًا محضًا، لا ينمو أو يكون، إلا قِبال تذكرة العودة، وتأريخها الدافئ,الذي يبقى في عينيّ، وإن نامتا..

كأنّهُ فكرة من الأفكار الطارئة، التي تتركبُ من كلّ قدراتنا على الإستيعاب، من كلّ رغباتنا المُدهشة.

وعندما اشرعُ في تناولُ كوب قهوة غامقة خارج إضافاتها، أشعرُ أني اصلُّ للذروة الذاتية ، للانتماء، والحنين والتنفس.
فاني أجدُ عندما أجد في حموضته حُزنًا ما.. يخلقُ توزانًا بمساراتي الداخلية الفتية ، كما أحسُّ فيه أيضًا صِدقًا راسيًا للروح.

وأهم بما ارسيت، فاخرج حقيبتي، وأمسحُ عليها، كما يمسح أبي على رأسي،
أبقيها مفتوحة، تمتلئ بالهواء، بملابسي، بعاطفتي،
أروحُ وأجيء عليها فاملؤها، بكلّي، ...

ولا أبقي في حوزتي مما فيها، إلا قليلًا من ثقل الجسد، وهمهمة حضور،

واختبئ فيّ بهدوء،
 في مقعد شاغر،
 أنتظرُ إقلاع الطائرة.

تثيرُ أجواء المطار في قلبي رواية قرأتها قبل سنوات، يوم كان لي من الحياة، سبعة عشر ربيعًا وحُزنًا وأمنية.
رواية يجيء الخريفُ فيها باكرًا، ويُقال أن ( للأمكنة مهابة في ذاكرة الزمن )،
وعندما أتحسسُ معطفي، أجدني باردًا، كأنني تلك الهيئة، التي أخذت،
هيئة الزمن، ذاكرة الزمن.

أبدو معلقًا، بين كلّ شيء وشيء، بين السماء والأرض، بين القسوة والترف، بين المدن والقرى، بين أسماءا حنّ قلبي إليها، ووجوه أحاول جاهدًا لفظها، أو وضع عنوان واضح لها.

أشدُّ إليّ، مشاعري، وأفلتُ معطفي الخفيف، وأترك مقعدي، مرتبكًا، غامضًا، وفي عزم لمواجهة الأشياء، التي تبدأ في استقبالي،

أنزل وفي البدء، يحتويني هواء الماء، من أخمص قدّمي، حتى منابت شعري، يُثيرُ في فمي طعم الفاكهة المحلية، بحميميتها الخاصة.

أبحثُ بين الأكوام البشرية عمن يحملُ عني جسدي، ولا أرى أحدًا.

آخذ حقيبتي،
 وأغادر إلى الطريق،
 ينتنابي البكاء غريبًا، قلقًا، ممزوجًا بألف سؤال.
وأجلسُ إلى الرصيف.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق