الأحد، يناير 18، 2009

يد واحدة ..!

صَباحٌ مَحْمُومٌ بالشِتَاءِ .. ، لمْ أكُنّ فِي يَقَظَةِ تَامَةِ حِينَ طَلَبتُهُ هَاتِفِياً ..!
أجَابَنِي بِسُرَعةٍ عَشوائِيةٍ : مرحباً صِبا ..
سَأَلتهُ بِذاتِ الغَباءِ: كَمٍ فَنَجَانٍ احتَسيْتَ يَا وَلَدَ ؟!
أكَاَن سُؤالِي مُزَدوَجاً حَقَاً ؟ ..كَيْ يَحَمِلَ إجابِتَين :
أريدُ أن أراكَ ، لمْ أشَربْ قَهَوَتِي .
أجَابَ بِسُخَرِيْةِ مُتَعَمَدَةِ : ألقاَكِ بَعْدَ نِصف سَاعةٍ فِيْ المَقَهى !
و أغلقَ الخَط .. !
اسِتَفَزّتَنِي جَمَالِيتُهُ هُوَ و ذَكَاءُه ! ، لطَالمَا تَأَثَرتُ بِه ..
أكَثَرُ الأشِيْاءِ عُمَقاً هِيْ الّتِي حَقَقها الآن .. ! فَلَقَد تَعَلَمْتُ أنّ أنَظَرَ إلىْ الأسَئَلَةِ بِأجَوِبَتِها الثُنَائِية المخَبْوَءةِ كَمَا يَنَظُرُ هُوَ إليهَا و إلىْ كُلِّ الأشيْاءِ الأخَرَى كَذلِكَ ! .. ، تَعَلَمتُ أنّ اسَأَلَ سُؤَالاً لِإجَابَتِينْ شَخَصِيْتِين ..! و قَدْ تَنَبَه هُوَ إلىْ ذَلِكَ و رُبمَا أسَرَعَ مِمّا يَنْبَغِي ..!
---
نَعْم .. كُنْتُ أنَتَظِرْهُ عَلىْ رَصِيفْ المَقَهْى و أَنَا أكَثْرُ ذُبُوْلاً و رَغَبَةً .. و أكَثَرُ جُنُوْناً أيْضَاً ..
كَيْفَ أُبَعْثِرُ يَوَمِيْاتِي مَعَهُ .. بِثُنَائِيةِ الصّباحِ و المَسَاءِ ! ..
مُنْذُ سْنَتِينِ .. بِثُنَائِيهِ الزَمَنِ نَحنُ نَخَرجُ سَوْياً ..
و نَرَقُصُ سَوَياً بِثُنَائيةِ حَـمَاقَتِنَا ..!
رُغَمَ تَذَمُرِ أُمِي من هذا الأمر ، رُغَمَ تَنَبِيْهَاتِ أَبِيْ الحَنُوَنِ لأنّ لاْ أَسَتَرسِلَ مَعَهُ فِي طَرِيقٍ مُتَعَرِجٍ لاْ نِهَايَةَ لَهُ ! ..
لَكِن فِي كُلِّ مَرَةِ أسَتَشَفِعُ لَهُ عِنْدَهُمَا .. بِثَقَافَتِه و مَركَزِيْتِه و طُمُوْحَاتِه و حَتىْ وَسَامَتِه ..!
---
جَاَءَ مُحَمَلاً بِالحيْاةِ كَعَادتّهِ
كِتَابِينْ ، مَلَفُ أَوَرَاقٍ ، قَلَمُ رَصَاصٍ ، جِهَازٌ محَمُولٌ ، وَرَدْةُ بَيْضَاء تَدْحَرَجَتْ أَمَامِي تِلَقَائِياً ، نَظَارةٌ طِبيْةٌ ، مَفَاتِيحْ .
بَعثَر بَقِيهَ أشيْائِه ِعَلىْ الطَاوِلةِ و تبَعَثَرتُ مَعَهْا بِهِ فَقَدْ كَاَنَ جَامِداً و صَامِتاً .
أخَرَجَ بَعَضَ أَوَرِاقهِ و أنِشِغَلَ بِها .. ، سُكُوْنِي لِسُكُوْنِهِ و احِتِرَامِيْ لِصَمتْهِ كَاَنَ مَألُوفاً .. لَكِننِي اليَوَمَ أَوَدُ أنّ أَضَعَ حَدَا لِما بينَنَا ..
مَا عُدْتُ أَحَتَمِلُ حَوَاسِي المُتَرَفَةَ بِهِ !
تَقَدمَ النَادِل : أَتُحِبُّ أنّ تَأَخُذَ شيئاً سيْدِيْ
أَجَابَ بِحَركَةِ يَدَيهِ رَافِضاً .
قَاَلَ النَادِلُ مُحَرَجاً ( لاْ أَدَرِي لمِاذَاَ ؟ ) : آنِسَتُكَ لمْ تَأَخُذَ شيْئاً فَقَط كَاَنَتْ تَنَتَظِرُكَ ..
- أَحَضِر لهَا قَهَوة ، قَاَلَ بِاسَتدِراكٍ : دِوَنَ سُكَر .
غَاَبَ النَادِلُ قَلِيلاً و عَاَدَ بِها و غَاَب !
لَلممتُنِي مِنْ عَلى الطَاوِلَةِ .. احِتَمَلتُ حَقِيبَتِي و مِعَطَفِي البَارِدٍ و ذَهَبَتُ ..
لمْ يَقلُ شَيْئاً .. لمْ يُحَاولُ اسِتِيقَافِي !
بَل تَرَكَنِي أغُاَدرُ دُوَنَ أنّ يَرَفَعَ رَأَسهُ فَكَأنَما لمْ يَنَتَبِهُ !

عُدتُ إلىْ فِرَاشِي .. أخَِنقُ التَفَاصِيلَ الخَاوَيةِ .. ، أسَتَردُ بَعَضَ
الحُزَنِ و اسَتَثِيرُ البَعَض الأخَرَ ..
نِمتُ كثيراً .. نمِتُ حَتى المسّاءِ ..
لمْ أسَتِيقظِ سِوىْ عَلى صَوتِ أُمِي فَرِحاً :
- لَقَد جَاَءَ لخِطبَتِكِ أخِيراً !
لأِسَتَوعِبَ حَدِيثَها أفَضِيتُ بِسؤالٍ غَبِي :
- مَاذَا ؟
- لَقَد جَاَءَ لطَلَبِ يدكِ !
ابِتَسمتُ و أنَا أُلهوسُ :
- سُؤالٌ ثُنَائِي ..!


الخميس، يناير 08، 2009

شعبذة اللغة ..


للتْو انِدَلعْ الصَباَحُ فَوَقَ مَدَنِيْتـَهْم البَاَردةِ ، وَ لمْ أسَتِيـقظ أنَا بَعْدُ مَنْ غيَبْوَبةِ الَرَغَبَةَ ..!
أسَتَِبعدُ كُوبِي المحَمَومِ بالحِزْنِ وَ السُكَرِ ..
رَأَسِي مَشَدُودٌ نحََوَ الِمنضدةِ ، أقلامٌ بَلهَاء ضَائِعة تنَكَسِرُ فِي يَدْيّ إمَعَاناً فِيْ وَجَعِهْا النَاَئِمْ بِين لُغْةِ الشَرقِ وَ لُغْةِ الغَربِ ..
ذَبُلَتُ تِيكَ الأقلام حتى غَدَتْ تَغَتَرِبُ فِيْ كُلِّ مَكَانِ بِاسمِ ( الحُبِ و الأدبْ ) !
لا بَأسَ فـْ سَتغدوُ اليَوِم جمَِيلةُ أكَثَرَ !
إنِّـهْا هُنَا لـِ أسُقِطَ مِنْهَا كُلّ حِبرهَاْ .. لِه وحَدهُ ..
ليسَ هَذْا فَقَطْ .. بَل سَأَغَتَصِبُ كُلَّ أوَرَاقِي لأجِلهِ .. !
تَذَبُ فِيْ يَدَيّ نَشَوةُ مُبْهَمةُ .. كْنَصَرِ مُنْكَسْرِ بِالذَاكِرةِ !
مُنْذُ سَنَةِ تَـركَتُ دِراستي فِيْ الأدبِ العَربِي و رُحْتُ أدَرَسُ أدَابَةُ و أغَرَقُ فِيْ لغته ..!
كِيْ أكُتُبَ فَقَط عَنْ هَذَا الغَبَاءْ الِّذَيْ المتململ فِيْ صَدَرِي ، كِيْ أتَوَاصَل مَعْهُ .. ، كِي نَكُوْنَ مَعْاً ،كِي أفَهَمَهُ و أحَتَوِيه ، كِي يُحِبُني كَمَا أحببتُهُ و أحَبَبتُ أشِياءهُ و لغَتُهُ و تَفَاصِيْلهُ و حِكَايَتُنْا المبُعَثَرةِ بِفَوضَىْ الجَامِعةِ !

قَلمِي يَنِـزفُ ، يَعرَقُ ، يَبكِي ، يَنَتَفِضُ و يَسقُطُ لِيعلوُ أخـر و يـَملأُ المساحَاتِ البِيْضَاء!
أيه ! ، نِصفُ نَهَارِ و أكثرُ يَا كُلمِي و لم أنَتَبِه !
أي مُغَلفِ يِحَتوِيِ هَذاْ التَرَفِ ؟
...
ضَوَءٌ يَنَبِعثُ مِنْ هَاتِفيْ الأخَرِسْ :
- عُرُوْبة ، أسـمِعْتِ بِسَفَر يَوسَفَ المفَاجِئ !
ذُعرُتُ :
- مَاذا ! ، كِيْفِ ! ، مَتىْ ؟
بَبَرود قالتْ :
- نَعَم سَاَفَر ، اليَوَم صَبَاحاً ! ، ودعناً قَبِل بَدأ المحاضرة الأولى !
بالمنَاسَبةِ لِم لم تحَضِري اليَوَم ؟
فَقَدتُ شَهِيْتي لذَلكَ العَالم دَفَعةُ وَاَحَدةِ .. !
أغَلَقْتُ الهَاتِفْ ..
.. رَكَضْتُ نَحَوَ مَكَتَبَتِي العَرَبِيْةِ ..
شَرَعْتُ أبَواباً على تراثي العريق !
بكيتُ كثيراً حينها !
أَيَحْدِثُ لأثنَى عَربِيةْ أنّ تُدمِن حُبّ رَجُلٍ أجَنَبِي - لاْ يَنَتَمِي لِبادِيَتِهْا -

حَداً تخون بِهِ كُلَّ شَيءٍ .. حَتىْ الُلغة ؟!
.. حَاوْلتُ اجتِذْابَ السَكِينْةِ ، فأخَذتُ حمَاماً بَارِداً
ثمّ عَمَدْتُ إلىْ فُستَانٍ أسَودٍ فَضَفَاضٍ ، كُحَلةٌ غَامِقَةٌ ، أحمَرُ شِفَاه ، عِطرْ ،سِوارٌ ذَهَبِي.. أسَدلتُ شَعَرِيْ لأسَتفِزّ أنُوثَتِي أكَثر !
عُدتُ إلى الشُرفة لمَلَمْتُ مُسودَتِي المَجَنُونِة تِلكَ ، و مَضِيتُ للأرصِفَةِ ..
اسِتَقَبَلْنِي ذاكَ السَيد .. هُو أُسَتاذَيّ الأوَلْ .. فَقَدْ شَجَعَِني عَلى دِرَاسةِ تِلكَ الُلغةِ الحَمَقاء.. !
- مَرحَباً بكِ ، أتَشَرفُ بِزيَارَتكِ لـِ مَكَتبِي الشَخَصِي ..
غُصّةُ تُحَرِكُنِي و أنْا أُجِيبُه بِذاتِ الُلغة :
- عَفَواً مِنْكِ ، لديّ مُسوَدةٌ لِلنَشرٍ !
صَاحَ بِسعَادِة الأسَاتِذةِ :
- آووو .. حقاً ! ، أينَ هِي ؟
قَدَمَتُها لَه ، كَأنمَا أُريدُ أنّ أهِبةُ انِزِعَاجِي الأولْ !
تَوَاعَدنْا عَلى كَثِيرٍ مِن الخُطُوطِ العَرِيضّةِ لِلمَشرُّوعِ نَشِر المُسّودةِ التّي تحَمّس هُو لهَا بِدهَشة !
مَشروُعْ تَركَتُهُ خَلَفِي دُوْنَما اكْتِراثٍ .. أو اهَتِمامٍ بِزَوَايَاهُ !
...
بَعدَ شَهرٍ وصَلتَنِي نُسخَةُ مَطبُوعَةُ مِنْها ! ، شَعَرتُ بِألمٍ حَادٍ فِي ذَاكِرتِي حينَّ رَأيِتُهْا مُعنَونةً بِاسمِي ! ، الأسَاتِذةُ هُنا قَبِيحوُنَ فِي مُفاجَأتِهم !
وَجَدتُ وَرَقةٍ صَغِيرةٍ مُشَوهَةٍ تَسِّقط مِنْها ..
( يُوسِف ) يُهنْئُنِي عَلى هَذّا الإنِجَازٍ و يَطلِبُ مِنْي تَزَوُجَهُ ..!
ابتَِسمتُ بِقَرفٍ ! ، و لجِنُونٍ ..
قَرَرتُ أنّ لاْ أجِيْبهُ ..بَل قَرَرتُ أنّ أتَجَاهَلَ هَذا الأمرَ نِهائياً ..
فأنَا لَستُ بِحَاجَةٍ إلِى كَوَابِيسَ لُغَوِيةْ ، بَعْد اليَّوم !
سَأتركُ هَذِهِ المَدِينْةَ و أعَودَ إلِى قَرَيَتِي .. و لأتَزَوجَ أقَربَ رَاعِي غَنَم فَصِيحٍ هُنَاكْ !



الأحد، يناير 04، 2009

أصعدُ بكَ

أنفاسُ متعالية ُ .. تسقطُ تِباعاً واختناقاً فوق وسادتي.
صباحٌ كَئيْبٌ لا يكادُ يهطل ، لا أجدُ فِي نفسي سِوى فوضى بائسة مُترفةُ ، واتجاهين عائدين إلى صدري بخيبة الحياة !.
فرشاتي تعلنُ اليوم عبوساً أحاديا ، وأقلامي تخاصم إطلالة الضوء في الجِبال المجاورة .
ما أصعبَ النصوص الخاوية ! .
عتمة ( تمرد ) تولد في روحي ، بودي أن أطلق اتجاهاتي ..
بودي أن أمارسها بـ شعبذة الدهشة والحياة ! .
بودي أن أكتبَ و أرسم لنفسي ! ، لا شيءٍ، لا لقداسةٍ ، لا لبيعٍ ،لا لغباء.. لا لترف الآخرين بيديّ أنا ، يسارُ اللونِ ويمْين القَلم !

--------

تقيأتُ تلك العتمة في فنجان قهوة لعقته مع صديقي ..
كان يهلوس ضِحكا .. : أأنت جاد يا رجل ! ، تود أن تعزل بموهبتكَ عن المجتمع ؟ .. لأي شيء صرت مبدعاً إذاً ؟
قطعتُ حدة ذكائه – التي اكتشفتها للتو – ووضعت أمامه سؤالاً ذهنياً خفيفاً متشعباً..
- لماذا نبدع ؟ لماذا نرسم ؟ لماذا ندرس ؟ لماذا ننشأ المعارض ونرتاد المسارح ؟ لماذا نؤسس المكتبات ؟ لماذا تقرأ ؟! لماذا نعمل ؟
بعد قليل صمته قال باستدراك خافت :
- لنعيش بسلام !
ترنحت واقفاً :
- الأفضل أن لا نفعل شيئاً إذاً ..!
شدني من ذراعي ، طالباً مني الجلوس ، اعتذرتُ بمزاجيتي
و مضيت ، لم يتركني .. ، كان عنيدا اليوم لحق بي على غير عادة ..
ملحاً في سؤال ..بدأ غَبِيْاً كعادة الأسئلة ؛ لأنه تكرر بعدد المرات الوجع ..!
- لماذا ؟
ابتسمت بحزن متعمد و أنا أقول .. :
- لأننا نعيش مبدأ السخرية ! .