الاثنين، نوفمبر 22، 2010




في الثانوية كنتُ مغرمًا جدًا بدراسة التحلل الظاهري للأشياء على مرّ الزمن،

في الوقتٍ ذاته كنت شغوفًا بشرّب الشاي، لذا كنتُ أتتاصُ معه عاطفيًا في سبيل تفريغ تلك الرغبة
كنتُ أشرّب الكوبَ حتى مُنتصفه، ثم أتركهُ جانبًا، أنساهُ أو أتنساه، أو أراقبهُ تمامًا من بعيد دون كثير من التفكير،
أحيانًا يمرّ أسبوع وتطفو بعض البقع، يظمرُ الماء الأحمر في الكوب،
وتترفع حلقتين متتالتين غامقتين أحداهما أفتحُ من الآخرى، لا أسكبهُ في دورة المياة المجاورة لغرفتي،
إلا لمّا أنتهي من تشطيب ورقة ذهنية، عندما أدخلها إلى ملّف ذاكراتي دون نيّه تامة في الحذف أو الإضافة أوالتعديل،

أعرّف أنني أبدو كمن يمسك خيطًا من مُنتصفِ الحديث، أو يتكلم كيفما تفق،
لكننا جميعًا نبقى- شغفًا- قيد أفكارنا التي نعتقد أننا لم نحقق ماهيتها أو لم نفهم أصولها بعد.
فأنا في مراحل المتباعدة من العُمر،
أبقي على نُزعتي البشرية، في خوض دراسة ذهنيّة، حول تطبيق حياتي قد يبدو محضّا أو عابرًا أكثر ما يكون!

مثلـًا، في الأسبوع الماضي كنتُ أدخل فناء الجامعة الداخلي الواسع والذي يمتدّ إرتفاعهُ للطابقِ الثالث،
كان ذلك لحضور إختبار فصليّ عام لكلّ الشُعب،
بكل هدوء كنتُ أترك حقيبتي، وأحتضنَ أقلامي، آلتي الحاسبة، وألفّ وشاحي الأسود على عُنقي، ابتسمُ
بأريحيّه،
لا أوزعُ كثيرًا من النظرات، وأبدو وحيدًا،
أو لا مباليًا لشيء غير أن أعثر على أقرب مقعد شاغر و..يروقني بالضرورة،
جلست في عمود جانبي،
لم اسأل عن أصدقائي فقد طوق الصمت كل حواسي السطحيّة،
أماعندما رأيتهم يدخلون من البوابة هناك، لم أقم لمعانقتهم ربما لأنني أعتقد أن ليس ثمة وقت!
كنتُ استقر، كانت أنفاسي ترتفعُ وتنحفض،
عندما أردت أن أقتل شيئا من سريان الوقت، كنتُ ألتفتُ يمينًا،
وكان فتى أسمرًا، يلتفت يسارًا وهو يبتسم!
هي المرّة الأولى الّتي أجدُ فيها أحدًا يبتسم هُناك، دون مناسبة خاصة، أو معرفة بالآخر،
يبتسم لسبيل اللطف،
ربما؛ للروح فقط!

بادلته الإبتسام على عجل، وارتعش عقلي برشفه دافئة من راحة،
كان دكتورنا الوسيم قد حضر، وهو يرتدي نظارة على غير عادة!
قال لنا أن يريد طلابه في الجانب الأمامي من الفناء جميعًا،
فقمت ومن كان من زملائي إليه،
وبطبيعة الحال كنت جلست على مقعد جديد،

تأخر حضور الأرواق،
فوحدتني ألتفت لليمين مرة أخرى،
وأجد ذات الفتى،
يبتسم أيضًا! ،
وأجدني أجيبُ عليه هذه المرّة بضحكة صغيرة،
لن أنسى دهشتي التي لم أزل أشاركها ذهني حتى اليوم،
بعد تلك الساعة في الفناء الواسع،
غادرت وغادر ولم نلتقي !

لكم يتجاوزُ شغفنا -برؤية من نشابه- عبور الأشياء إلى أسقف النمط العادي من الحياة و التفاصيل والذاكرة،
لو كان تشابهًا في حاجة من اللحظة،
فأن ميلنا لمشاركة الحياة المتقدمة مع الآخرين الذي نصادفهم ومنذ مرّة الأولـــى،
قد يكون تحللا محضّا لما تشابك في دواخلنا من رغبات متشابكة على مرّ الزمن.

...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق